ليس في عقائد الإسلام، ولا في التقاليد القائمة على هذه العقائد ما يعدّ هدمه إصلاحاً، وتعاليم الإسلام هي التي توقظ أعلى فضائل الاجتماع، ولكن القلم الذي يستحب الوقوف في جانب الثورة على الهدى، لا يستطيع أن يخطو خطوة إلا بعد أن يضرب بقانون المنطق إلى وراء.
وقال الأستاذ:"ولكننا في ثورتنا العامة التي نتخبط فيها اليوم، نعمل على تحطيم كل ما كان لآبائنا من عقائد وتقاليد، دون أن نسارع إلى إقامة سواها".
لا ينكر الأستاذ من دعاة التجديد في مصر أن يحاربوا عقائد الدين، وما يقوم عليها من تقاليد، وإنما يثكر عليهم أنهم لم يسارعوا إلى إقامة غيرها بمكانها كما وقع في بعض البلاد الشرقية، فهو يدلنا فيما يكتب على أنه راض عن نزعة من يحطمون العقائد والتقاليد، ثم يتبعون التحطيم بالبناء. ونحن نذكره بأن هادم العقائد والآداب الإسلامية ناكث يده من عروة الدين، فلا يرتاح لصنيعه من يستيقن أن الدين هداية خالصة، وشريعة عامة باقية.
تحدث الأستاذ عن دعاة التجديد في مصر، وذكر أن لهم عاملين في الهدم، وهما: التشكيك، وتحقير كل ما له بقية من الاحترام في النفوس، ثم قال:"وهم يعذرون؛ لأنهم مخلصون في محاولاتهم، ولكنهم من طبقة الذين يصلحون للهدم، ولا يصلحون للبناء والتجديد". ثم أشار عليهم مفسر القرآن بأن يقتدوا بالطبيعة في إتباع الهدم بالبناء، فهو لا يلوم دعاة التجديد في إثارة الشكوك، وتحقير كل ماله احترام في النفوس، فقد وصفهم بالإخلاص والصلاح للهدم، وإنما يلومهم في عدم وضعهم بدل ما يهدمونه بالتشكيك أو التحقير شيئاً جديداً.