دفعت الصغار إلى غشيان دور الرقص، وأدركوا أن في ذلك مضيعة لأوقاتهم، سنّوا قانوناً ألزموا فيه أصحاب تلك الدور بعدم قبول الفتيان قبل أن يستكملوا الثامنة عشرة من أعمارهم".
يفرق الأستاذ بين المجددين في البلاد التي امتلكت عاطفته، والمجددين في مصر؛ بأن يزيد طائفة المجددين هنالك قوة على التنفيذ، وليس يزيد طائفة المجددين في مصر قوة منفذة. ومعنى هذا: أن من بيدهم القوة في مصر ليسوا من المجددين، أو ليسوا من أولي العزم على تنفيذ ما يرونه من التجديد.
نعم، في تلك البلاد جراءة متناهية على تنفيذ ما يراه المجددون تخلصاً من العقائد والتقاليد، وجراعة متناهية في الأخذ بتقاليد أوربا، وإن كانت منكرة في نظر الدين، قبيحة في رأي العقل السليم.
فإن أراد الأستاذ أن يجعل هذه الجراءة المتناهية مما يرجح بها وزن دعاة التجديد هنالك، فقد أخطأ فيما أراد؛ فإن استخفاف ذي القوة بدين الأمة وتقاليدها القائمة على أصوله، غير محمود الأثر، ولا مأمون العاقبة، وبالأحرى: إذا غلا في الثورة عليه.
وإن أراد إغراء أولي القوة في مصر على أن يسلكوا في الجراءة على نبذ التقاليد وما له احترام في النفوس مسلك المتجبّرين، فقد اكتسب إثمًا حيث وضع أصبعه في العمل للثورة على دين الله. وإذا لم يجرؤ أولو القوة في مصر ما جرؤ عليه غيرهم من محاربة العقائد والتقاليد بدون قيد ولا شرط، فلأن في مصر قوة علمية دينية، ولأن الجالس على عرش مصر يقدر الدين الحنيف قدره، ويثق بأن الفلاح وحسن العاقبة في المحافظة على آدابه