اليوم، ونادت تحت تأثيره إلى تحطيم كل قديم، وأخذت الجرائد تنقل آراء الغلاة منهم والمعتدلين في وجوب إزالة كل حائل بين الأمة والترقي، مهما كانت درجة قدسيته في نظر الجماهير، صادف ذلك عندنا هوى في أفئدة الذين أساؤوا منهم التجديد، فتوهموه إباحة، فاندفعوا تحت قيادة فئات من المسترزقة الذين ذكرناهم يطلبون استكمال لذاتهم وشهواتهم، متوهمين أن الحياة الجديدة تقتضي ذلك ". ثم قال: "ومتخيلين أنهم على الطريق التي عليها ذلك الشعب الشرقي، بل التي عليها العالم أجمع اليوم".
يريد الأستاذ أن يقيم فارقًا بين دعاة التجديد في تلك البلاد، ودعاة التجديد في مصر، فيبرئ الدعاة الأولين، ويمجد خطتهم، ويعيب الدعاة الآخرين، ويسفه أحلامهم. ونحن نلقن الأستاذ أن في مصر دعاة تجديد يسيرون في في عايتهم على نور من الحكمة، وفيها دعاية إلى تقليد الغربيين، ولو فيما يحرمه الدين تحريمًا مغلظًا، وهذه الدعاية هي التي يقوم بها الإباحيون والملاحدة في كل قطر، ولا نظن الإباحة والتهتك في دعاية تلك البلاد أضيق دائرة منها في دعاية مصر، فلم يتحر الأستاذ طريق الإنصاف حين سمّى الدعاية هنالك: دعاية إلى أعلى فضائل الاجتماع، والدعاية في مصر: دعاية لاستكمال اللذات والشهوات.
ذكر الأستاذ في ذلك المقال أن قادة الانقلاب في تلك البلاد بيدهم زمام الحكم، وقال: "فهم يوجهون التيار إلى حيث يريدون، بالإقناع أولاً، فإن لم يفد، فبالقوة، وهم يتعهدون ثمرات أعمالهم بكل دقة، ويستطيعون إصلاح ما فسد منها، مثال ذلك: أنهم أباحوا السفور للنساء، والرقص مع الرجال على النحو الذي عليه الأوربيون، ولكنهم لما أنسوا أن هذه الإباحة