صودمت بمقاومة من رجال الدين، فكانت هذه المقاومة الداعي إلى الثورة على الدين، ثم انتقل إلى الحديث عن حركة التجديد في مصر، فذكر أنها لم تصطدم بمقاومة من رجال الدين، وأقبل على المجددين يعظهم بأن لا معنى للثورة على الدين ما دام رجال الدين لا يعارضونكم في حركة التجديد، ونبه على أنه يريد بهذه الموعظة القدح في رجال الدين في مصرة إذ جعل مقاومة رجال الدين في تركيا عنصرًا من العناصر المقومة للتجديد، وانتهى إلى أن حركة التجديد عندنا ينقصها عنصر هو مقاومة رجال الدين التي تمنعها من الاندفاع في طريق الإباحة.
وملخص حديث الأستاذ: أن المجددين في تركيا خير من المجددين في مصرة لأن أولئك يهدمون العقائد والتقاليد، ويضعون بدل الهدم بناء، وهؤلاء يهدمون الأركان أو الأحجار، ولا يضعون بعد الهدم ركنًا ولا حجرًا، ولأن مجددي الأتراك ثاروا على الدين من أجل مقاومة رجال الدين لحركة تجديدهم، ومجددي مصر ثاروا على الدين من غير سبب؛ لأن رجال الدين في مصر يلقون حبل حركة التجديد على غاربها.
ونحن نعود فنذكر الأستاذ بأن ثورة من ثار على الدين في تلك البلاد، لا يصح أن يذكر في أسبابها مقاومة رجال الدين لحركة التجديد، فرجال الدين في تركيا كرجال الدين في مصر، قد ينكرون بعض المحدثات، ولا يزيدون على أن يعبروا عن هذا الإنكار بأقلامهم أو ألسنتهم، وقد أقمنا بمرأى ومسمع من رجال الدين في تركيا سنين غير قليلة، فلم نرهم يقاومون التجديد بأشد مما يقاومه رجال الدين في مصر، فدعوى أن علة ثورة المجددين في تركيا على الدين هي مقاومة رجال الدين لحركة التجديد غير معقولة.