وما خسر الإنسانُ وجهَ سعادة ... إذا من فنون العلم وفِّر سهمُه
فما الجسم إلا خادمُ المالِ ساعيًا ... وما المال إلا خادم الجاه لمّه
وما الجاه إلا خادم الملك لائذاً ... وما الملك إلا خادم الشرع حزمُه
وما الشرع إلا خادم الحق مرشداً .... وبالحق قام الكون وانزاح ظلمُه
ثم قال:
فمن علم الأشياء وفى حقوقها ... ودان له فيما يحاول خصمه
وكل فنون العلم للملك نافع ... ولا سيما ما ساير الملك حكمه
أرى الملك مثل الفلك تحت رئيسه ... عويزًا إلى الأعوان فيما يؤمه
فذلك نوتيٌّ يعين بفعله ... وآخر خِرّيت قصاراه علمه
ومقصده جري السفين وحفظها ... ليسلم كلٌّ أو ليعظم غنمه
أيركب هوله البحر دون مقاوم ... وفي طيه حرب كما يؤذن اسمه
لذاك ترى ملك الفرنج مؤثلاً ... بعلم على الأيام يمتد يمه
ومملكة الإسلام يقلص ظلها ... وينقص من أطرافها ما تضمه
على أنها أجدى وأبسط رقعة ... وأوسط إقليماً من الطبع عظمه
وأعرق في منمى الحضارة موقعًا ... وأطول باعاً يفلق الهام دمه
وقدمًا تناهت في الفنون توغلاً ... وجمع طم الصنع فيها ورمه
ثم قال:
فمن لم يجس خبر أوربا وملكها ... ولم يتغلغل في المصانع فهمه
فذلك في بن البلاهة داجن ... وفي مضجع العادات يلهيه حلمه