للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاجة من حاجات العقول، وللأستاذ أن يصف الإلحاد بأنه رأي علمي له حق المثول بين الآراء المتباينة، ولنا أن نقول: للإلحاد أن يمثل بين الآراء المتباينة، ريثما تتناوله العقول بالنقد، فإذا وضع على محك النظر، استبان أنه رأي زائف، منشؤه قلة الروية، والوقوف في البحث عند غاية تتجاوزها العقول وهي مهتدية بنور العلم، معتصمة بقانون المنطق، وإذا أعلن الإلحاد عن نفسه بأنه يفي بحاجات العقول، نادته العقول أنفسها أن ليس في إنكار مدبر حكيم ما يقضي لها حاجة واحدة، فضلاً عن أن يفي بحاجاتها، وما جاء في وصف الإلحاد من أنه يستند إلى العلوم اليقينية القائمة على المشاهدة والتجربة، وأن ما عدا الإلحاد قائم على أساس الهوى والخيال، مدفوع بأن ليس في العلوم اليقينية القائمة على المشاهدة والتجربة ما يصح أن يكون مستنداً للإلحاد، وليس فيها ما يعترض الدين في سبيل، فإن ادعى الإلحاد أنه يستند إلى العلوم اليقينية، فقد افترى على هذه العلوم كذباً.

ثم قال الأستاذ: "فنشبت بين الإلحاد والدين من ذلك العين - القرن السادس عشر - معركة فاصلة لا تزال رحاها دائرة، استخدم فيها رجال الدين في أول عهدهم بها ما كان لهم من سلطان على الحكومات والعامة، فأسرفوا في البطش بخصومهم، لا بقوة الدليل، ولكن بقوة الحديد والنار".

يذكر الأستاذ في حديثه رجال الدين باطلاق، ثم يقابلهم بالإلحاد، ويعبر في بعض الجمل برجال الأديان، فإذا ناقشناه، فمن ناحية تحقيق البحث بالنظر إلى رجال الدين الإسلامي.

إذا تتبعنا تاريخ رجال الدين في الإسلام، نجدهم يرجعون في مقاومة الالحاد إلى الحجة، وما قامت طائفة الملاحدة بدعاية ظاهرة أو خفية،