فيخشى أولو الأمر من أن يتفشى وجاء الإلحاد في الناس، فيفسد النفوس، ويفتك بالأخلاق الفاضلة، فيقضي عليهم النصح للأمة، والعمل لسعادتها أن يقطعوا شر الإلحاد عن العامة والأحداث، ولو بالقوة.
وقد دلت المشاهدة على أن من دعاة الإلحاد من لا ينقطعون عن دعايتهم، ولو أقمت لهم على ضلالهم ألف دليل، وإذا كان لأحدهم سبيل على طائفة من نشئنا، أخذ ينفخ فيهم روح الإلحاد على طريقة مبيتة، ومتى كان في الرئيس الأعلى غفلة وقلة صفاء، وجد أولئك الدعاة تحت رعايته المجال واسعًا، فعاثوا في الفطر السليمة فساداً، فلا يمضي حين حتى يتولد حولهم جماعات مطويات على ما تنطوي عليه الأراقم من سموم قاتلة، فإن كان الرئيس على بصيرة، أشفق على تلك الفطر أن تشوَّه، ووقاها من كل دعاية خرقاء، والرئيس الحازم لا يفوته أن لحرية الفكر حدوداً إذا تجاوزتها، كان إثمها أكبر من نفعها، ولا يدخل في حدودها الطعن في الدين، أو الجهر بآراء تنتزع النفوس من العفاف، وتقودها إلى الإباحية العمياء.
ومن مثار العجب أن يشكو دعاة الإلحاد حزم الرئيس المصلح واحتراسه من مكرهم، ويسمونه، اعتداء على حرية الفكر، حتى إذا ملك أحدهم قوة، أرهق بها فضلاء الناس خسفاً، ولا يكون من أولئك الذين كانوا يندبون حرية الفكر إلا أن يتغنوا بمديحه في الصحف، ويسمون إرهاقه الغاشم إصلاحاً.
قال الأستاذ: "ثم تقدم الزمان، وأفلتت الحكومات من سلطان رجال الدين، فاقتصر سلاح الدين على ما كان لديه من قوة الإقناع، في هذه الأثناء كان العلم الطبيعي يؤتي ثمراته من استكشاف المجهولات، وتخفيف الويلات، وتوقية الصناعات، وابتكار الأدوات والآلات، ويعمل على تجديد الحياة