على طريق المشاهدة والتجربة، فقد قال في هذا المقال:"وإن المبحث الوحيد الذي يصلح لأن يصد هذا التيار الجارف، هو ما ثبت بجهاد أولئك الكملة من وجود عالم أرقى من عالم المادة، هو المؤثر فيها، والمصرف لقواها".
ثم خطر على بال الأستاذ سؤال هو: أن يقول قائل: ما بال أولئك الكملة من أصحاب المباحث الروحية لا يتكلمون فينقذون العالم من تيار الإلحاد؟ فقال:"وهؤلاء لا يقوون على صد العالم أجمع محفوزاً بعوامل لا تغالب من مقررات الفلسفة المادية صاحبة السلطان اليوم".
يدعي الأستاذ أن الإلحاد - الذي هو أبو الإباحية - سائد في هذا العصر، ولا مخلص للعالم من سلطانه، بانياً هذه الدعوى على أن رجال الدين لا يملكون لمقاومة الإلحاد سلاحًا، وأصحاب المباحث الروحية لا يجدون أذنًا واعية، فعلى رجال الدين إذن أن لا يقفوا في وجه الإلحاد؛ فإن الأعزل لا يقف في وجه شاكي السلاح، وعلى أصحاب المباحث الروحية أن يسالموا الإلحاد؛ لأنه استولى على كل سمع، واحتل كل نفس، وفي يده من الفلسفة المادية سلاح لا يغالب، فكان الأستاذ يتيسر على علماء الدين أن يقلعوا عن دعايتهم، ويقبلوا على شأنهم، ولكن هؤلاء العلماء يشعرون بأن لديهم أسلحة تصرع الإلحاد على فيه، ويثقون بأن النفوس التي يسبق إليها تعليم ديني حكيم تصبح في حصانة من أن يمسها الإلحاد، ولو خاضت غمار الفلسفة المادية، وأمعنت في كل باب من أبوابها.
زعم الأستاذ أن لا غالب للإلحاد في هذا العصر؛ لأنه عصر الفلسفة المادية، وتخبط في حديثه تخبط من لا يقدر الدعوة إلى الهداية قدرها، وكأنه