تنتزل منها العادات والآداب والأخلاق، بل والأنظمة والقوانين والمثل العليا".
لا ينقص العلم والفلسفة المعقولة من أطراف المتدينين ذرة، وإذا نقصت الفلسفة الزائفة من أطراف المتدينين نفراً، فلأنها وجدت نفوسًا لم تتلقن تعاليم الدين على طريقة الاستدلال الصحيح. وقد بالغ الأستاذ في دعواه أن الناس تسللوا عن المتدينين حتى لم يبق في المجال الذي هم فيه غيرهم. ولا أخال نظر الأستاذ إلا أنه قد سبق إلى بيئة يتجول فيها الزيغ في صلابة جبين، فقاس عليها البيئات التي لم يطأ أرضها، ولم يجس نبضها، ولو كان ممن يزنون القول وزناً، لما تطوح في المبالغة إلى هذا المكان البعيد.
فالفلسفة المادية لا تلتهم الطبقات المتعلمة، وإنما تلتهمهم سموم ينفثها فيهم بعض من يتولى تعليمهم من الزائغين وهم على فطرتهم الأولى. وقد دلنا تتبع حركة الإلحاد: أن في دعاة الإلحاد من لم يدرس الفلسفة المادية قط، أو لم يعرف منها إلا مبادئ يسيرة، ولكنه ينال مظهراً وجيهًا، فيفسد طائفة من النفوس، ويربيها على الجمود والإباحة تربية لا تمت للفلسفة المادية بصلة.
قال الأستاذ: "الذي يلوح في أن هذا الإلحاد سيبلغ أقصى مداه في الشرق والغرب معًا، وسيدفع في تياره الناس كافة، إلا أفرادًا تابعوا العلم في تطوره، وتطوحوا معه إلى أبعد مغامراته".
يحدثنا الأستاذ أن الإلحاد يستند إلى العلم والفلسفة المادية، وأن الناس يتسللون عن المتدينين أفواجًا أفواجًا، وزعم أن الإلحاد سيبلغ أقصى مداه في الشرق والغرب معًا، وسيأخذ في تياره الناس كافة، ما عدا أفراداً تابعوا العلم في تطوره، وأراد بهؤلاء الأفراد: من يشتغلون بالمباحث الروحية