للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد: أنه إذا ثبت أن تلك المباحث غير صحيحة على معنى: أن أولئك الباحثين غير صادقين في دعواهم أنهم استندوا فيها إلى المشاهدة والتجربة، انتقضت العقائد الدينية من أساسها، وهذا مردود بأن العقائد الدينية تقوم على أساس من الأدلة العلمية متين، فلا يضرها أن يفشل أولئك الباحثون، فلا يصلوا إلى إدراك ما وراء الطبيعة على طريق المشاهدة أو التجربة.

قال الأستاذ: "إن كان الدينيون يعلمون من أين أتى مقرراتهم الوهن، وتطرق إلى أصولهم الانحلال، لتطلبوا الوسائل لتقوية معاقلهم الدفاعية، واتخذوا من الأسلحة ما يمكنهم من الوقوف أمام هجمات العلم المتوالية".

يرى الأستاذ أن الوهن والانحلال قد دخلا على مقررات الدين وأصوله، وأسباب الوهن والانحلال في زعمه هي هجمات العلم المتوالية، والواقع أن مقررات الدين لم يأتها وهن، وأصوله لم يتطرقها الانحلال، فإن أراد من العلم: النظريات التي استقرت على وجهها الصحيح، ورفع العلماء أيديهم من بحثها، فهذه لا تهاجم الدين في حال، وإن أراد من العلم: النظريات التي لم تتعد مراتب الظنون، فهذا الصنف قد يوجد فيه ما يخالف الدين، ولكنه لا يزلزل أصلاً قائماً على أساس من الدين، فضلاً عن أن ينقضه نقضًا، ومع هذا، فإننا ممن يحث المتدينين على أن يطلقوا أعنتهم في المباحث العلمية، مادية أو روحية؛ لأنها تزيد معاقلهم الدفاعية قوة على قوتها.

قال الأستاذ: "وهم - يعني: رجال الدين - يرون أن العلم والفلسفة ينقصان من أطرافهم كل يوم، وأن الناس يتسللون عنهم زرافات، حتى لم يبق سواهم في المجال الذي هم فيه، فابتنى على ذلك: أن الفلسفة المادية التهمت الطبقات المتعلمة، وأصبحت عنصراً من عناصر روح العصر الحاضر،