ويزعمون أنهم يستندون إليها، لم يستطيعوا أن يقيموا من مقرراتها الصحيحة شاهداً على أن فيها ما ينقض أصلاً من أصول الدين مدعمًا، وإذا زاغ فريق من أصحاب هذه العلوم، فإنما جاءهم الزيغ من الناحية التي يجيء منها إلى فريق لم يعرفوا لهذه العلوم إلا أسماء، وقد حاول بعض الملحدين أن يتخذ من هذه العلوم مستنداً، فلم يزد على أن دل الناس على أنه لم يفهم ما يقرره الدين، أو أنه لا يعرف قانون المنطق والشروط التي لا يستقيم الاستدلال إلا بمراعاتها.
قال الأستاذ:"قلنا: إلى أي حد ينتهي عجب القارى" إذا علم أن حفظة العقائد في كل مكان، أجمعوا أمرهم على محاربة هذه الفتوحات العلمية التي إذا ثبت في يوم من الأيام أنها ضلالة، فقدت أخص العقائد في الأديان كل أساس علمي، وأصبحت جميع مقرراتها مما لا يمكن الدفاع عنه بأية وسيلة من الوسائل".
قد أريناكم أن من حفظة العقائد من يتقبل هذا الذي يسميه الأستاذ: فتوحات علمية، ويورده تأييدًا لما عنده من أدلة على وجود عالم وراء المادة، ومنهم من وقف منها موقف المنتظر حتى يتسنى له أن يعلمها على طريق المشاهدة والتجربة، فدعوى الأستاذ إجماعَ حفطة العقائد في كل مكان على محاربة هذه الفتوحات، من قبيل المبالغات التي تقتحمها أقلام تسعى للتنفير من الدين على طريق الحط من شأن علماء الدين.
ثم ماذا يريد الأستاذ بدعوى أن المباحث الروحية التي يقوم بها بعض الأوروبيين متى ظهر بطلانها، فقدت العقائد في الأديان كل أساس علمي، وأصبحت جميع مقرراتها لا يمكن الدفاع عنها بأية وسيلة من الوسائل؟.