الروح والروحانيات التي يحسبون أنفسهم من محتكريها دون غيرهم".
يريد الأستاذ بما جدّ في العالم الروحي: ما كان من قبيل التنويم المغناطيسي، واستحضار الأرواح، ويتهم رجال الدين بإحباط مساعي الباحثين في حدود العالم الروحاني، بدعوى أنهم يريدون احتكارها لأنفسهم دون غيرهم، ولو لم يقل الأستاذ: "في كل مكان"، لقلنا: يقصد طائفة خاصة من رجال الدين، ولكنه جرى على عادته في التعميم، فجرته المبالغة إلى الإخبار بما لا يعرفه الناس واقعاً.
والمشاهد أن من علماء الدين من يتلقى أحاديث هذه المباحث بقبول، فيثق بما يورده الكاتبون في شأنها، ويسبوقه تأييدًا لما قرره الدين من أن وراء هذه المادة عالماً روحانيًا، ومنهم من لا يبادر هذه الأحاديث بالإنكار، ولكنه يتحامى أن يعتمد عليها في بحثه العلمي؛ لأنه لم يدرس تلك المباحث بنفسه درس مشاهدة أو تجربة، وها نحن أولاء نخالط رجال الدين في العشي والإبكار، وكثيراً ما ينساق الحديث إلى هذا الذي جدَّ في العالم الروحي، فلم نشعر بهذا الذي يتهمهم به الأستاذ؛ أعني: اعتبارهم للقائمين بالمباحث الروحية فضوليين يشتغلون بما ليس من اختصاصهم.
قال الأستاذ: "فإلى أي حد ينتهي عجب القارئ إذا علم أن علوم الطبيعة والكيمياء والجغرافيا والفلك، وتاريخ الأديان، والتاريخ العام، والفلسفة إلخ لم تدع في الأديان مذهباً مقرراً، ولا أصلاً مدعماً إلا أوسعته نقداً على أسلوبها، ونقضته وقوفًا مع مقرراتها الرسمية".
لا تنال هذه العلوم من حقائق الدين كثيراً أو قليلاً، وقد رأينا فيمن قتلوها علماً من يستنيرون بإيمان لا يحوم عليه ريب، والذين يحاربون الدين،