للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا عذر للحكومات التي تفلت من سلطان الدين ما دامت تجد في رجاله الراسخين من يهديها السبيل المستبين، ويريها أن الدين يفسح للناس المجال حتى ينتهوا إلى الحياة الحرة، ويخوضوا في العلوم المادية إلى أبعد مدى.

ويخيل الأستاذ لقراء مقاله أن الحياة الحرة في إفلات الحكومات من سلطان الدين، وقد دلنا التاريخ، بل العصر الحاضر أن من الحكومات التي تفلت من سلطان الدين، وتنكث يدها منه جملة، تطلق للناس مجال الطعن في الدين، وتناوئ كل من يعظها في منكر، وترميه بعدم الإخلاص أو الطاعة، فأين الحياة الحرة عند إفلات الحكومات من سلطان الدين؟!.

وليست الحياة الحرة هي التي تجعل الإلحاد يطمع في أن يقضي على الدين القضاء الأخير كما يقول الأستاذ، وإنما يطمع الإلحاد في القضاء على الدين متى رأى أميراً أو وزيراً أو رئيس معهد علمي يحمل في صدره الإنكار والفسوق، ويرفع الملحدين على المتدينين درجات.

قال الأستاذ: "فلو كان خطأ رجال الدين وقف عند هذا الحد - يعني: إسرافهم في البطش بخصومهم الملاحدة -، لكان- مع الاعتراف بأنه حوب كبير- من الأمور التي وقعت فيها الطوائف، قديماً وحديثًا في الاجتماع والسياسة معاً، ولكنهم يشتركون في أمر ليس له ضريب في تاريخ الطوائف، وهو إجماعهم في كل مكان على إحباط ما جدَّ في العالم العلمي من المباحث التي ترمي إلى الوقوف على حدود العالم الروحاني على أسلوب العلم الطبيعي نفسه من المشاهدة والتجربة، واعتبار القائمين بها من عليه العلماء، وجلة الفلاسفة والمفكرين، فضوليين يشتغلون بما ليس من اختصاصهم من أمور