ومن أسباب الإلحاد: أن يتصل الفتى الضعيف النفس بملحد يكون أقوى منه نفساً، وأبرع لساناً، فيأخذه ببراعته إلى سوء العقيدة، ويفسد عليه أمر دينه، ومن هنا نرى الآباء - الذين يعنون بتربية أبنائهم تربية الناصح الأمين - يحولون بينهم وبين مخالطة فاسدي العقيدة، يخشون أن تسري إليهم العدوى من تلك النفوس الخبيثة، فتخبث عقائدهم وأخلاقهم.
ومن أسباب الإلحاد: أن يقرأ الناشئ مؤلفات الملحدين، وقد دسوا فيها سموماً من الشُبه تحت ألفاظ منمقة، فتضعف نفسه أمام هذه الألفاظ المنمقة، والشُّبه المبهرجة، فلا يلبث أن يدخل في زمرة الملاحدة الألداء. ومن أسباب الألحاد: أن تغلب الشهوات على نفس الرجل، فتريه أن المصلحة في إباحتها، وأن تحريم الشارع لها خالٍ من كل حكمة، فيخرج من هذا الباب إلى إباحية وجحود.
* طبائع الإلحاد:
ساقتني صروف الليالي إلى ملاقاة طائفة من الملاحدة في تونس، وفي الآستانة، وفي الشام، وفي ألمانيا، وفي مصر، فرأيت هذه الطوائف تتشابه في أمور يبعد أن يكون تواردهم عليها من قبيل المصادفة، وإنما هي طباخ لما تواطأت عليه قلوبهم من جحود لآيات الله، وإنكار لدينه الحنيف، وهأنذا أتحدث عن شيء من هذه الطباخ التي لا تجتمع في شخص إلا أن يكون قلبه مصاباً بعلة الجحود.
* فرحهم بتهمة عالم كبير بالإلحاد:
يفرح الملحدون بإشاعة الإلحاد عن بعض العلماء المفكرين، والمثير لهذا الفرح: حرصهم على أن لا ينسب إلى الدين من ظهرت له أثارة