يستهزئون في مجالسهم بالدين، وربما رشحت ألسنتهم بهذا العبث في حضرة بعض المؤمنين؛ بزعم أنهم مازحون غير جادّين، كذلك كانت مجالس الزنادقة في القديم؛ أمثال: مطيع بن إياس، ويحيى بن زياد، وحمَّاد عجرد، وأصحابهم، وهكذا حال ملاحدة هذا العصر.
* انهماكهم في الفسوق:
ولا ينتظر ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر أن يترك شيئاً من شهواته إلا أن يخشى الناس، والتاريخ يحدثنا عمن كانوا يتهمون بالزندقة، فيرينا كيف كانت مجالسهم قائمة على شرب الخمور وما يتبعها من الخبائث، وكذلك كانت مجالس أولئك النفر المعروفين بالإلحاد في عهد الدولة العباسية.
قال بعض الرواة: إن حمّاد عجرد، ومطيع بن إياس، ويحيى بن زياد نزلوا بالقرب منّا، فكانوا لا يُطاقون خبثاً ومجانة، وهكذا حال ملاحدة هذا العصر إذا خلوا في مجلس؛ فإنهم يرتكبون ما تترفع عنه مجالس الفضلاء، ومن تظاهر منهم بالرزانة وحسن السمت، فبمقدار، وإلى وقت.
* تناقضهم في الأقوال:
أشد النفوس طوعاً إلى الأهواء نفس لا تثق بأن لهذا العالَم مبدعاً حكيماً، أو لا تثق بأن وراء هذه الحياة دار جزاء، والنفوس المنقادة إلى الأهواء، قد تألف الشيء في وقت، وتنفر منه في وقت آخر، فتمدحه مرة، وتذمه أخرى، وقد تستقبح الأمر، وتستحسن ما يضاهيه من كل وجه، وربما استقبحت الشيء، واستحسنت ما هو أقبح وأشد مفسدة منه.