وتبقي النفوس تحت تصرف الخيال، فتنبعث إرادتها عن غير تعقل، وتصدر أفعالها في غير حكمة.
ومن المعروف في المسكر: أنه يحسِّنُ القبيح، ويقبِّح الحسن، قال أحد الشعراء المبتلين به:
إسْقِني حتّى ترَاني ... حَسَناً عندي القَبِيح
فقولوا لمتعاطي المسكرات، إذا طمع من الناس أن يلاقوه باحترام: إن من يعلم أن تلك حالات تخرج بها عن الإنسانية إلى حيوانية تصير بها هزأة، أو حيوانية تنفث سمها في غير عدو، لا تراك عينه إلا ازدرتك، ولا خطرتَ على قلبه إلا احتقرَك.
ومن مفاسد المسكرات: أنها تندفع بالشهوات إلى الفسوق، وهل في إمكانك أن تجد مولعاً بالخمور يحفظ فرجه عن موبقة الزنا، أو ما يشبه الزنا؟.
سقى قوم أعرابية شراباً مسكراً، فقالت: أيشرب نساؤكم هذا الشراب؟ قالوا: نعم، قالت: فما يدري أحدكم من أبوه.
وقد عرفتَ أنّ السكران يقول ما يثير غضب نديمه، أو من يلقاه في طريقه، وأنت تعلم ما وراء ثورة الغضب من سوء، وعرفتَ أن السكران قد ينقلب إلى حيوانية متحفزة للشر، فلا يبالي أن يبسط يده للاعتداء على الأنفس، فيصيب ضعيفاً، أو يصيبه قوي، وكم من مشاجرات تعالت فيها أصوات، وأُصيبت فيها جسوم، وما هي إلا أثر من آثار تعاطي المسكرات!.
ولا تزال المسكرات تنقص من عقل المولع بها شيئاً فشيئاً، حتى يقع في خبال، أو ما يقرب من الخبال، ودلّت التجارب على أن متعاطي المسكرات