فريق يحافظون في الرواية على الألفاظ، لا يغيرون منها حرفاً، ومن أصحاب هذه الطريقة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ورجاء بن حيوة، ومحمد بن سيرين.
وفريق من أولئك الراشدين يحافظون فيما يروون من الحديث على المعنى، ولم يروا بأساً في التعبير عنه بلفظ غير لفظ الرواية، على شرط أن يؤدي المعنى كما هو، ومن أصحاب هذه الطريقة: الحسن البصري، والشعبي، وإبراهيم النخعي.
اندسَّ بين هؤلاء الأمناء أشخاص يتشابهون في الاستخفاف بصدق اللهجة، ويختلفون في الأغراض التي دعتهم إلى هذا الاستخفاف.
فمنهم: الجاهل الذي يحسب أن من طرق الإحسان إلى الدين وضعَ أحاديث للترغيب في بعض ما ندب إليه من أعمال صالحة، كما وضع نوح ابن أبي مريم أحاديث في فضل سور القرآن، وقال: رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي ابن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبة.
ومنهم: المغلوب على رشده، يضع الحديث لنحو تأييد مذهب، أو إصابة عَرَض زائل؛ كأن يصنع حديثاً فيما يوافق هوى ذي سلطان؛ ليزداد عنده حظوة؛ مثل: غياث بن إبراهيم؛ رأى المهدي يلعب بالحَمام، فتصرّف في حديث:"لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر"، فزاد فيه:"أو جناح". وقد شاء الله تعالى أن يتنبه المهدي لهذه الخيانة، فأنث غياثاً، وترك الحَمام، وأمر بذبحها.
ومنهم: الزنديق: يضع أحاديث ليفسد القلوب، ويزعزع الإيمان؛ كما