للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضع بعض عباد الأوثان حديث: "لو أحسن أحدكم ظنّه بحجر لنفعه".

ونهض باللغة العربية وآدابها رجال طُبعوا على الأمانة، مثل: أبي عمرو ابن العلاء، والمفضّل الضبّي، والخليل بن أحمد، وسيبويه، والأصمعي، وابن الأعرابي، وأبي عمرو الشيباني، ومحمد بن مسلم الدينوري.

ولم تخلص اللغة وآدابها من أن ينتمي إليها نفر لا يتحاشون أن يدخلوا فيها ما ليس من حقائقها؛ كقطرب (١)، وحمّاد الراوية، ولولا العلماء الذين ينقدون ما يرويه أمثال هؤلاء، لأصيبت اللغة بفساد كبير.

وللتاريخ القسط الأوفر من اختلاق الرواة، وتزوير الكتّاب، فكم من حقائق شاخصة حاولوا أن يذهبوا بها هباء! وكم من سِيَرٍ نقية أخرجوها في صورة ما يستحق هجاء! وسِيَرٍ مدنسّةٍ ألبسوها ثوب ما يستأهل ثناء!

ومن ناحية المحرومين من نعمة الأمانة في العلم، صدرت كتب مثل كتاب: "الإمامة والسياسة" - المنسوب لابن قتيبة - وصفَتْ كثيراً من أفاضل السلف في غير إنصاف، وولغت في أعراض الصحابة، وهم خير أمة أخرجت للناس، وقد حذّر أهل العلم من التسرع إلى تسليم ما يكتبه المؤرخون في شأنهم، وإنما يعوَّلُ في أخبارهم على الروايات الموثوق بها؛ كالأخبار الواردة على طريق علماء الحديث.

وكذلك ترى في غير الحديث واللغة والتاريخ من العلوم رهطاً يمسونها بأيد غير مؤتمنة، ويحشرون فيها ما لا يصح رواية، أو لا يقبل دراية، فيتناولها الجهابذة بالنقد، فينفون خَبَثَها كما تنفي النار خبث الحديد.


(١) كان متهماً في رأيه وروايته عن العرب "مقدمة التهذيب" لأبي منصور الأزهري.