الإسلام يعرفون في طائفة من العلماء رجاحة الرأي، وصراحة العزم، وخلوص السريرة، فيلقون إليهم بقيادة الجيوش، فيكُفُّون بأس أعدائهم الأشداء؟ وما كان أسد بن الفرات قائد الجيش الذي فتح صقلية إلا أحد الفقهاء الذين أخذوا عن مالك بالمدينة، ومحمد بن الحسن في بغداد، وعبد الرحمن بن القاسم في القاهرة.
ينظر أهل العلم إلى ما غرق فيه بعض شبابنا من التشبه بالمخالفين، وتقليدهم في عادات لا تغني من الرقي شيئاً، وقد يرى بعضهم انحطاط كثير من أبنائنا في هذا التشبه والتقليد، فيعده قضاء مبرماً، ويملكه خاطر اليأس، حتى ينتكث من التعرض للشؤون العامة ومعالجتها، ولكن الذي يعرف علة هذا التسرع، ويكون قد قرأ التاريخ ليعتبر، يرى الأمر أهون من أن يصل بالنفوس إلى التردد في نجاح الدعوة، بَلْهَ اليأسَ من نجاحها.
وأذكر بهذا: أن كاتباً كتب في إحدى المجلات مقالاً تحت عنوان: "وحدة العالم" يدعو فيه إلى مسايرة أوربا في السفور ونحوه، وقال في علة الدعوة إلى هذه المسايرة: ليخرج الشرق والغرب في مدنية واحدة، وأشار على دعاة الإصلاح في الشرق بأن لا يقفوا في سبيل هذه المدنية، زاعماً أنهم لا يستطيعون مقاومتها، ولا يزيدون على أن يجعلوا سيرها بطيئاً، ورغب إليهم أن يحثّوا الناس على المسارعة إلى قبولها.
والذين ينظرون إلى مدنية أوربا باعتبار، يبصرون فيها على البداهة ما لا يرتضيه العقل، ولا يقبله الشرع.
واختلاف الأمم بالحق خير من اتحادها على باطل، ولا يفوت الحكمة أن تجد نفوساً مهذبة، وعقولاً سليمة فتقبلها. فحقيق على العلماء أن يبتسموا