إليها من مزاعم وآراء، ولم يبلغوا من قوة العلم أن يفرقوا بين الشرع الخالص، وما يوضع بجانبه من أشياء لا تدخل في الصميم. ونحن نعلم أن في كثير من المؤلفات أحاديث موضوعة، وقصصًا مزعومة، وآراء لا تستند إلى أصول معقولة، ومن الذي ينكر أن في بعض الكتب أحاديث مصنوعة، وقصصاً مختلفة، وأن في مؤلفات بعض أصحاب الأهواء والمستضعفين في العلم آراء سقيمة، وأقيسة عقيمة؟.
كان لهذه الكتب أثر سيء في نفوس بعض نشئنا، وقد اتخذ بعض من خفَّ في العلم وزنهم من هذه الكتب وسيلة إلى الطعن في علماء الإسلام، فذهبوا يلتقطون هذه الآراء السخيفة، ولا يتقون الله في نسبتها إلى علماء الشريعة ليضعوا من شأنهم، مع أن أهل العلم من قبلهم، قد نقدوها بأنظار راجحة، وطرحوها من حساب الشريعة بالحجة الساطعة، وجعلوا تبعتها على أصحابها وحدهم، وأي طائفة من طوائف أهل العلم لا يوجد بينهم ذو رأي ضعيف، أو ذوق عليل؟! بل العالِم الراسخ قد تصدر عنه آراء تدفعها أصول العلم الذي رسخت فيه قدمه، ويردها عليه من هو أقل منه نباهة، وأدنى في العلم منزلة.
أما الفريق الذين ينكرون أشياء من صميم الدين، فلم يجئهم الجحود من ناحية البحث الدقيق، والنظر القائم على قوانين المنطق الصحيح، وإنما سبقت إليهم في التعليم، أو في الجلوس ببعض الأندية آراء، فتقبلوها، وتراءت لهم شبه، فاعتنقوها. والآراء الفاسدة والشبه المغوية تربي في النفوس الضعيفة أذواقًا سقيمة، ويكون لهذه الأذواق الحكم العاجل، حتى إذا أنكرت حقاً، خيّل إلى أصحابها أن إنكارهم صادف محزاً، وظلوا في جهالتهم يتخبطون.