فقطع يد السارق أو السارقة - مثلاً - قد تُنازع في حكمته بعض الأذواق الخاصة.
ولكن الأحكام إنما يراعى فيه المصالح العامة، وفي قطع يد هذا الصنف من المجرمين مصلحة سنأتي على بيانها في مقام غير هذا.
ولا ننسى بعد هذا أن ما بلغه الغربيون من التقدم في العلوم والفنون، قد جعل لهم في القلوب إكباراً، وبلغ هذا الإكبار في بعض النفوس الصغيرة أن يفوه أحد الغربيين بكلمة يطعن بها في حقيقة من حقائق الإسلام، فيتلقوها منه بمتابعة، ويحسبوها طعنا صائباً، ولا سيما الكلمات التي تصدر من طائفة يخرجون في زي الكتاب أو الفلاسفة؛ إذ يقع في أوهام الغافلين أنه نتيجة نظر لا يعرف غير البحث والدليل، ويفوتهم أن في هؤلاء الكتاب من لا يزال في أسر تقاليده وعواطفه، وفيهم من يكون بارعاً في ناحية من العلم، قاصرَ النظر في ناحية أخرى، وها نحن أولاء نقرأ نتائج أبحاثهم في موضوعات إلهية، أو تاريخية، أو اجتماعية، أو لغوية، فنرى فيهم من يتبع الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، وكان على نشئنا أن يعتبروا بالمناقشات التي تدور بين علمائهم أنفسهم؛ فإنها شاهد صدق على أن من علمائهم أو فلاسفتهم من يعتمد الرأي لمجرد الشبهة، ولا يبالي أن يسميه علماً، وهو لا يرتبط بعد بالحجة، أو ما يشبه أن يكون حجة.
ومن الطرق المضلّة عن السبيل: أن بعض الداعين إلى غير الإسلام، قد وجدوا من موسريهم خزائن مفتحة الأبواب، وأيدياً تفيض عليهم الأموال بغير حساب، ومن الميسور أن يتصل هؤلاء الدعاة ببعض البائسين من نشئنا الذين لم ينفذ الإيمان إلى سويداء قلوبهم، فيشتروا ضمائرهم أو ألسنتهم بشيء من حطام هذه الحياة، وربما أتوهم من ناحية الشهوات، ففتحوا لهم