أنكر واحدة منها، فقد ابتغى في غير هداية الإسلام سبيلاً، ومَثَلُ من يماري في شيء منها، ثم يدعي أنه لا يزال مخلصًا للإسلام، مثل من يضرب بمعوله في أساس صرح شامخ، ثم يزعم أنه حريص على سلامته، عاملٌ على رفع قواعده.
فتنت مدنية الشهوات أشخاصاً ينتمون إلى الإسلام، فانحرفت بهم عن المحجة، وأدركوا أن مجاهرتهم بإنكار رسالة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - تسقطهم من حساب المسلمين دفعة، فلا يبلغون من فتنة الأمة مأربًا، فبيتوا أن يبقوا ثوب الإسلام على أكتافهم، ويحركوا بمدحه في بعض المجالس ألسنتهم، أو في بعض الصحف أقلامهم؛ لكي يركن الغافلون من المسلمين إلى أقوالهم، فيقذفوا من وراء ريائهم، وثقةِ بعض الناس بهم ما شاؤوا من آراء خاسرة، ويزعموا أن هذه الآراء من هداية الإسلام، أو أن الإسلام لا ينكرها.
والواقع أن هذا الصنف من المنحرفين قد أحدث في بعض البلاد الإسلامية آثار فساد، لم يُحدث معشارها النابذون إلى الدين على سواء، وكم أرتنا الأيام في هذا الصنف من عجائب دلتنا على أن هناك مغارات يأتمرون بالدين بين حيطانها، ولغةً إذا حضرهم بعض المسلمين، يجنحون إلى التخاطب بها، وضروباً من الإغواء يجهدون أنفسهم في تمويهها.
منذ عهد قريب أخذ بعض الكاتبين يتشبهون بمن يؤلف على طريق البحث العلمي، فقالوا ما شاؤوا أن يقولوا، وخرجوا بغير مناسبة منطقية إلى إنكار أن يكون للإسلام مدخل في الشؤون القضائية، والمعاملات المدنية.
جال هذا الصوت جولة الباطل، ثم ذهب كصيحة في واد، ولم يبق له صدى إلا في آذان رهط لا يسمعون رشداً، ولا يفقهون حجة، وإن شئت