للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقل: صادف ذلك الصوت أفئدة هواء، فجعلوا يحاكونه في بعض ما يكتبون، ويوقظون فتناً لو أقبل كل على ما يحسن أن يتحدث فيه، لكانوا عنها في شغل.

ما كدنا ننتهي من إماطة أذى ذلك الذي ادعى أنه يفسر القرآن بالقرآن (١)، حتى خرجت إحدى المجلات تحمل مقالاً تحت عنوان: "داء الشرق ودواؤه"، وفي هذا المقال دعاية إلى فصل الدين عن السياسة، وبلغ بكاتبه الحال أن زعم أن سبب تأخر المسلمين عدم فصلهم الدين عن السياسة.

ونحن نودّ - والله يعلم - أن يقبل كل من بيده قلم على ما فيه خير الناس، والموضوعات العلمية والأدبية والسياسية مترامية الأطراف، وانصراف نفس الكاتب عن البحث في أمثال هذه الموضوعات ليس بعذر يبيح له أن يخوض بقلمه في الحديث عن الدين خوضَ من يقولون ما لا يتدبرون.

ونود - والله يعلم - أن نقبل على شأننا، ونمضي في سبيلنا، وليس في فطرتنا الولوع بأن نفند لكاتب رأياً، أو نبطل لباحث قولاً، ولكن القوم أصبحوا يتساقطون على طمس معالم الحقيقة والفضيلة تساقطَ الفراش على السراج، والسكوت عنهم تفريط في جنب الله، ومن فرط في جنب الله، خسر الدنيا قبل الآخرة.

قال صاحب المقال في ذكر أهم النقط الجوهرية التي ترجع إليها أسباب


(١) إشارة إلى كتاب: "الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن" تأليف محمد أبو زيد الدمنهوري. وردَّ عليه الإمام محمد الخضر حسين -انظر كتابه: "بلاغة القرآن". ومجلة "نور الإسلام" - العدد الثاني من المجلد الثاني الصادر في صفر ١٣٥٠ هـ.