ظنه، وليس لولي الأمر إن لم يرض عن هذا التأمين إلا أن يرد المحارب إلى مأمنه.
وإذا أخذ المحارب أماناً لينظر في الدين، ولم ينشرح صدره للإسلام، فما لنا إلا أن نرده إلى داره آمنًا، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}[التوبة: ٦].
ولو ظفر المسلمون بمحارب جاء مقبلاً من بلد عدو، فقال: جئت لأطلب الأمان، لم يجز التعرض له بمكروه، وإذا لم يروا المصلحة في تأمينه، ردّوه إلى مأمنه.
ولو وجد المسلمون طائفة من المحاربين في أطراف بلاد الإِسلام، فقالوا: جئنا تجاراً، وظننا أنكم لا تتعرضون لمن جاء تاجرًا، فليس لنا إلا أن ندعهم وشأن تجارتهم، أو نردهم إلى مأمنهم، إلا أن تقوم الشواهد على أنهم يقصدون من الشر ما لا يقولون.
ومن رعاية الإِسلام لعهد التأمين: أن أكد في احترام أموال المعاهدين، حتى إذا رجع المعاهد إلى بلده، وترك في دار الإِسلام وديعة، أو ديناً، وجب إرسالها إليه، فإن مات، بُعث بها إلى ورثته إن عُرفوا، فإن لم يعرفوا، أرسل بها إلى رئيس قومه.
ويدلك على ما لعهد التأمين في دين الإِسلام من حرمة: قول عمر بن الخطاب: "إنه بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج، حتى إذا أسند إلى الجبل، وامتنع، قال رجل: "مَتَرْس" (١)، يقول: لا تخف، حتى إذا أدركه، قتله، وإني