للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحد الحكماء من بني أسد:

وأَمْنَحُه مالي ووُدِّي ونُصرَتي ... وإن كان مَحنِيَّ الضُّلوعِ على بُغْضي

ونقرأ في سيرة الأستاذ محمد بن يوسف السنوسي صاحب المؤلفات المعروفة في علم الكلام وغيره: أنه "كان يفاتح من تكلم في عرضه بكلام طيب وإعظام، حتى يُعتقد أنه صديقه".

ونقرا في سيرة القاضي يحيى بن أكثم: أنه "كان يداعب خصمه وعدوّه".

وقد تبلغ المداراة إلى إطفاء العداوة وقلبها صداقة.

قال محمد بن أبي الفضل الهاشمي: قلت لأبي: لِمَ تجلس إلى فلان، وقد عرفت عداوته؟ قال: أُخْبي ناراً، وأقْدحُ وداً.

وقد يقصد المداري إلى علاج جرح العداوة، ومنعه من أن يتسع.

قال عقال بن شبة: كنت رديف أبي، فلقيه جرير على بغل، فحياه أبي وألطفه، فلما مضى، قلت: أَبَعْدَ ما قال لنا ما قال؟! قال: يا بني! أفأوسع جرحي؟!.

ومن المداراة: أن يلاقيك ذو لسان أو قلم عُرف بنهش الأعراض، ولمز الأبرياء، فتطلق له جبينك، وتحييه في حفاوة؛ لعلك تحمي جانبك من قذفه، أو تجعل لدغاته خفيفة الوقع على عرضك.

نقرأ في الصحيح عن عروة بن الزبير: أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته: أنه استأذن على النَّبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: "ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة" أو "بئس أخو العشيرة"، فلما دخل، ألان له الكلام، وفي رواية: فلما جلس، تطلق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وانبسط إليه، فقلت: يا رسول الله! قلْتَ ما قلت، ثم ألَنْتَ له القول؟! فقال: "أي عائشة! إن شر الناس منزلة عند الله من تركه - أو: ودعه -