للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولحومها، وبما هُيئت له من حمل الأثقال، وهذه المنافع من أهم ما تنتظم به حياة الإنسان.

وقال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٨]، فذكر في هذه الآية أهم ما خلقت له الخيل والبغال والحمير من المنافع، وهو الركوب، وفي الركوب راحة البدن، وسرعة الانتقال من مكان إلى مكان، والراحة من متممات الصحة، وسرعة الانتقال حفظ للوقت من أن يذهب في غير جدوى.

امتنَّ الله تعالى بالأنعام والخيل وما عطف عليها، ونبه على ما فيها من جَمال وزينة، وفي هذا ما يرشد إلى أن يكون الاستمتاع بها في رفق ورعاية؛ فإن إرهاقها، أو قلة القيام على ما تستمد منه حياتها، يجعل نفعها ضئيلًا، ويذهب بما فيها من جَمال وزينة.

كان للعرب قبل الإِسلام عادات تحرمهم من الانتفاع ببعض أفراد الحيوان، وفيها قوة على أن ينتفعوا بها، ومن هذا القبيل: الناقة المسماة بالسائبة، وهي الناقة التي يقول فيها الرجل: إذا قدمت من سفري، أو برئت من مرضي، فهي سائبة، ويحرم ركوبها ودرّها؛ والوصيلة: وهي أن تلد الشاة ذكراً وأنثى، فيقولون: وصلت أخاها، فلا يذبح من أجلها الذكر؛ والجمل المسمى بالحام: وهو الفحل الذي ينتج من صلبه عشرة أبطن، فكانوا يقولون: قد حمى ظهره، ويمتنعون من ركوبه والحمل عليه، والبَحيرة: وهي الناقة التي تنتج خمسة أبطن آخرها ذكر؛ فإنهم كانوا يبحرون أذنها؛ أي: يشقونها، ثم يحرمون ركوبها ودرّها.

ثم جاء الإِسلام، فلم ير من الحكمة تعطيل الحيوان وهو صالح لأن