للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنتفع منه، فنهى عن هذا التعطيل الناشئ عن سفاهة الرأي، فقال تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: ١٠٣].

وكان للعرب عادات يسومون فيها الحيوان سوء العذاب، ومن هذه العادات: ما يفعلونه لموت كريم القوم، إذ يعقلون ناقته أو بعيره عند القبر، ويتركونها في حفرة لا تطعم ولا تسقى حتى تموت.

ومن هذا الباب: شقّهم لآذان الأنعام كما قصصنا عليك عادتهم في البحيرة، وهو ما أشار القرآن إلى قبحه؛ إذ جعله مما يأمر به الشيطان، فقال تعالى: {لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: ١١٨ - ١١٩].

ما زال الحيوان كسائر الأمتعة تحت يد مالكه يفعل فيه كيف يشاء، وإذا ناله رفق، فمن ناحية عاطفة الإنسان على ما يملك؛ لتطول مدة انتفاعه به، ولكن الإِسلام أرشد إلى أن الحيوان في نفسه حقيق باللطف، فغرس له في القلوب عطفًا عاماً، واستدعى له الرحمة حتى من قوم لا ينتفعون، أو لا يرجون أن ينتفعوا به في حال. وجعل الرفق به من قبيل الحسنات التي تذهب السيئات، وتنال بها المثوبة عند الله.

أذِنَ الإِسلام في قتل الحيوان المؤذي؛ كالكلب العقور، والفأرة، وأمر بالإحسان في القتل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم، فأحسنوا القتلة". وأذن في ذبح الحيوان للاستمتاع بالطيب من لحومه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته".