للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يخصى الإبل والبقر والغنم والخيل" (١). وبهذا احتج فريق من أهل العلم على أنه لا يحل خصاء شيء من الفحول، وأفتى فريق بجوازه متى دعت إليه مصلحة؛ كان يخاف عضاضه، وإذا وجد طريق لمثل هذه المصلحة من غير الخصاء، لم يبق موضع للخلاف؛ لأنه تعذيب، وقد نهى الشارع عن تعذيب الحيوان.

ومن الرفق بالدابة: أن لا يتابع السير عليها متابعة ترهقها تعبًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سافرتم في الخصب، فأعطوا الإبل حظًا من الأرض" (٢)، وفي رواية: "ولا تعدو المنازل".

وورد في الصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة (٣) إلا قطعت"، فذهب بعض أهل العلم في فهم الحديث مذهب الرحمة بالحيوان، وقال: إنما أمر بقطع القلائد من أعناق الإبل؛ مخافة اختناق الدابة بها عند شده الركض، ولأنها تضيق عليها نفسها ورعيها، وكراهة أن تتعلّق بشجرة، فتخنقها، أو تعوقها عن المضي في سيرها.

ومن المحظور: وقوف الراكب على الدابة وقوفاً يؤلمها، وقد ورد في النهي عن هذا الصنيع حديث: "إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر؛ فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس" (٤).

وذكر الغزالي أن أهل الورع من السلف كانوا لا يقفون على الدواب


(١) "شرح معاني الآثار" للطحاوي.
(٢) مسلم، وأبو داود.
(٣) أمر بقطع ما تقلد به من وتر القوس، ثم أمر بقطع كل قلادة من أي صنف كانت.
(٤) رواه أبو داود.