للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقوف الطويل.

ومن الفنون التي يسلكها قساة القلوب في تعذيب الحيوان: تهييج بعض الحيوان على بعض؛ كما يفعل بين الكباش والديوك وغيرها، وهو من اللهو الذي حرمته الشريعة؛ لما فيه من إيلام الحيوان، وإتعابه في غير فائدة، وفي "سنن أبي داود"، والترمذي: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التحريش بين البهائم "، والتحريش بينها: إغراء بعضها على بعض.

وان شئت أن تزيد يقيناً بما جاء به الإِسلام من الرأفة بالحيوان، فانظر إلى ما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه إذ قال: كنّا مع النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمّرة (١) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تعرش (٢)، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها"، ورأى قرية نمل قد أحرقناها، فقال: "من أحرق هذه؟ "، قلنا: نحن، قال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار" (٣).

وقد نص علماؤنا على حرمة تمكين الصبي من التلهي بالطير على وجه فيه إيلام له، وأمّا ما ورد في الحديث من أن ابناً فطيماً لأم سليم كان يلعب بنُغَر (٤)، فمحمول على أن ذلك التلهي لم يكن بحال تعذيب؛ كأن يكون الطير في قفص أو نحوه، أو يكون التلهي بمحضر أحد أبويه، وهما يعلمان


(١) ضرب من الطير، وقيل: الحمرة: القبرة.
(٢) ترتفع وتطل بجناحيها.
(٣) أبو داود.
(٤) اسم لنوع من الطير. وقد بلغ هذا الخبر النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل إنكاره له.