للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قامت قرينة على أنه يقصد الاستهزاء بمن يقلدهم، فهي سفاهة وعصيان، فالذين يرسلون أبناءهم لمدارس أجنبية تحتم على كل تلميذ الاشتراك في القيام بشعائرها الدينية، إنما يلقون بأفلاذ أكبادهم في حفرة من النار.

وقد وصل ببعضهم الشغف بالانحطاط في هوى الأجانب، والانغماس في التشبه بهم: أن اقترح - في غير خجل - قلبَ هيئة المساجد إلى هيئة كنائس، وتغيير الصلوات ذات القيام والركوع والسجود إلى حال الصلوات التي تؤدَّى في الكنائس، وهذا الاقتراح شاهد على أن في الناس من يحمل تحت ناصيته جبينًا هو في حاجة إلى أن توضع فيه قطرة من الحياء.

ثالثها: محاكاتهم في شيء لم يكن من شعائر دينهم، ولكنه مما نهى عنه الإِسلام على وجه الحرمة؛ كتقليدهم في اختلاط الرجال بالنساء، ورقص الفتيان مع الفتيات، أو نهى عنه على وجه الكراهة؛ كتقليدهم في تناول الطعام باليد الشمال (١)، أو إطالة بعض الأظفار، والمحاكاةُ التي توقع في محرم، فسوقٌ عن أمر الله، والتي توقع في مكروه يخسر بها صاحبها قسطاً من ثواب الله.

هذا إذا كانت المحاكاة عن مجرد هوى، فإن كانت عن اعتقادِ أن ما يفعله الأجنبي أحكم وأليق، زلزلت أصل الإيمان، والتحقت بمحاكاته فيما هو من شعائر ملته، وعلى هذا الوجه يجري حكم استبدال قوانينهم الوضعية بأحكام الشريعة الغرّاء؛ نحو: القوانين المبيحة لما حرم الله من الربا.

ومن الأمراض التي سرت إلى المسلمين على طريق التقليد للأجانب:


(١) ليس من الصعب على من يريد المحافظة على أدب إسلامي أن يعوّد يسراه قطع اللحم ونحوه بالسكين، ويعوّد يمناه تناوله بالشوكة، وقد عزم على هذا قوم يعز عليهم أن يستخفوا بأدب ديني، فوجدوه أمراً ميسوراً.