للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الحياة.

ومن شواهد هذا: ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من حفر الخندق حول المدينة المنورة، وقد أشار به سلمان الفارسي، وهو من مكايد الفرس في حروبها.

وفي أوربا اليوم نظم إدارية نزنها بقاعدة: رعاية المصالح، فنرى إجراءها في بلادنا من قبيل إصلاح الإدارة.

كنت أرسلت من "برلين" برقية لصديق لي في "جنيف"، فجاءني خطاب من إدارة البرقيات يقول لي: لم نهتد إلى معرفة المبعوث إليه بالبرقية، وبعد ساعات وصلتني برقية من تلك الإدارة تقول فيه: اهتدينا إلى معرفة صاحبك بعد، وأبلغناه البرقية. فمن ذا ينكر فائدة مجاراة الأجانب في مثل هذه النظم المريحة للنفوس؟!

وأذكر من أبيات للأستاذ محمد بن عبد الكريم المقيلي في الرد على من أنكر تعلم علم المنطق قوله:

دليلاً على شيء بمذهبِ أهلِهِ ... خُذِ العلم حتى من كَفُورٍ ولا تُقِمْ

ولا أسوق في هذا الوجه محكاتهم في بعض أخلاق انتظمت بها مدنيتهم، وارتفعت بها على كثير من البلاد درايتهم؛ كالصبر على المكاره، والإقدام على العظائم، وقوة رابطة الاتحاد والتعاون بين أفرادهم وجماعاتهم؛ فإن الإِسلام قد أرشد إلى جميع الأخلاق التي تزدهر بها المدنية، وتستحكم بها عرا السيادة، فإذا ظهر المسلمون بخلق عظيم، فإنما يقتبسونه من حكمة دينهم، وسيرة عظمائهم.

ثانيها: محاكاتهم في شيء من شعائر دينهم، وهذه المحاكاة إن كانت عن رضا، دلت على نبذ الإِسلام، ولا سيما محاكاة تقع منه مرة بعد أخرى، فإن