رابعها: محاكاتهم فيما لم يتعرض له الدين بنهي خاص، ولكن رعاية جلب المصالح، أو درء المفاسد تقضي بترك هذه المحاكاة، والمصالح كالمفاسد تتفاوت في شدتها، فيفصل الحكم على حسب هذه التفاوت.
ومن أمثلة هذا النوع: اتخاذ بعض الأزياء الظاهرة في الاختصاص بهم؛ كالقبعة؛ فإنَّ وضعَ المسلم لها على رأسه بين قوم مسلمين يدل على ميله، وترجيحه لجانب من اختصوا بلبسها، ويوقع في اعتقاد الناظرين إليه أنه من طائفة المخالفين، والمسلم المطمئن لدينه يتحامى ما يدل على أنه يميل إلى غير أمته أكثر مما يميل إلى أمته، ويتألم من أن يصفه أحد بأنه من قوم غير مسلمين. وقد حاول بعض المفتونين بتقليد الغالب فيما لا أثر له في قوة سلطانه أن يحملوا أبناء المسلمين في مصر على لبسها، فخاب سعيهم، ولم يكن جند صلاح الدين الأيوبي الذي انتصر على جيوش الأوربيين في حطين حيث كانت الواقعة الفاصلة، يرضى بأن يتخذ في شعاره القبعات، ولم ينفع أعداءه المنهزمين أن كان على رأس كل واحد منهم قبعة!.
ويدخل في هذا القبيل: اتخاذ نحو الملابس وأثاث البيوت من مصنوعاتهم، وفي المصنوعات القومية ما يغني غناءها، وفي الإقبال على المصنوعات القومية فتح باب عظيم من أبواب الثروة العامة؛ وارتقاءُ الشعوب على قدر يسارها.
ومما يثير الأسف البالغ: أن يقتصر المسلم في رسائله، أو عند ذكر الحوادث على ما يؤرخ به المسيحيون، وهو التاريخ القائم على ميلاد المسيح - عليه السلام - وقد فشت هذه المحاكاة حتى أصابت أقلاماً شأنها أن تنهى عن مثل هذا التشبيه. وفي الاعتماد على التاريخ الهجري محافظة على ذكرى مبدأ