للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علو الإِسلام وظهوره على الدين كله. وكان صاحبنا العلامة أحمد تيمور باشا -رحمه الله تعالى- يقتصر في مراسلاته على التاريخ الهجري معتمداً هذا الاقتصار، حتى في مخاطبة الجمعيات أو الشركات الأجنبية.

خامسها: محاكاتهم في أمور لم يَرِدْ فيها عن الشارع نهي خاص، ولم تكن في نفس موافقتهم فيها مصلحة أو مفسدة، ولا تلقي على صاحبها شبهة الانتماء إلى ملتهم. ولا حرج في هذه المحاكاة إلا من جهة الاحتفاظ بالتقاليد القومية، فصغار النفوس أو العقول يسارعون إلى التخلي عن المعروف بين قومهم، ويستبدلون به المعروف بين الأمم الأجنبية، ولا داعي لهم إلى هذه المحاكاة إلا الافتتان بكل شأن من شؤون أولي الشوكة والسلطان. أما أولو الأحلام الراجحة، فلا ينتقلون عن المعهود في بيئتهم إلا إلى ما هو أفضل، ولا يفضل عرف على عرف لمجرد أنه يجري بين قوم لهم القوة والغلبة.

ومن أمثلة هذا: محاكاتهم في لون خاص يلتزمونه في حفلات خاصة، فليس للّون الخاص في الحفلات مصلحة أو مدخل في نهوض القوم، وإنما هي عادة جرت بينهم، وألفتها أذواقهم، فماذا لم يعتد قوم مسلمون التزام في مثل تلك الحفلات، وأبوا تقليد الأجانب في هذا العرف، دلوا بهذه الإباية على الاعتزاز بقوميتهم، ونبهوا على أنهم لا يريدون أن يكونوا أتباعاً حتى فيما لا يقدمهم خطوة، ولا يسد من حاجاتهم خلّة.

فإن خطر على بال أحد أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسدل شعر رأسه موافقة لأهل الكتاب، قلنا: كان - عليه الصلاة والسلام - بين فريقين: عبّاد الأوثان، وأهل الكتاب، وأهل الكتاب أقربُ إلى الدين الحنيف من عباد الأوثان، فهم بالموافقة يومئذٍ أحق من عباد الأوثان، ولكن بعد أن دخل عباد الأوثان في الإِسلام،