للحج وقتاً في السنة، فكان من حكمة هذا التعيين التقاء أمم من بلاد وأقطار مختلفة على صعيد واحد، وشرع ليوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى صلاة تؤدى في جماعة، وتوصل بوعظ وإرشاد.
وشرع إقامة الولائم في مثل عقد النكاح، ويوم سابع الولادة، وحثّ على إجابة الدعوة، حتى إن عبد الله بن عمر كان يجيب الدعوة في العرس وغيره وهو صائم.
دعا إلى الاجتماع في أوقات السرور؛ كأيام الأعياد، ودعا إلى الاجتماع في أوقات المكاره والشدائد؛ كالاجتماع لصلاة الكسوف، والاجتماع للصلاة على الميت، وتشييع جنازته، حتى يكون الاجتماع مالئاً لمواطن السرور والحزن، ولا يبقى للعزلة الجافية مظهر في حال.
ومما يومئ إلى اختيار الاجتماع: قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]؛ فإن من مقتضى الأخوة الائتلاف والاجتماع في أوقات كثيرة، وقال تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى: ٣٨]، وكيف يتسنى للمبتعد عن الجماعة في ناحية أن يعرض عليهم آراءه، أو يستطلع منهم أمثالها، فضلاً عما تقتضيه الشورى من مناقشة الآراء؟. وقال تعالى في وصف ما يدعو به المؤمنون الفائزون:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}[الفرقان: ٧٤]، وكيف يصلح المفارق للجماعة أن يكون مثلاً كاملاً للهداية، يشهد الناس سيرته فيما يفعل أو يذر، فيسيرون على أثره مقتدين؟.
ومما يومئ إلى اختيار الاجتماع من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"(١). وليس المعتزل من الناس