للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" (٢)!.

وانظروا كيف عنيت الشريعة الإِسلامية بوصف الكفاءة بين الرجل والمرأة، ومن وجوه الكفاءة: أن يكون حال الرجل من جهة المال والحسب مناسبًا لحال المرأة من هذه الجهة، وإنما عنيت بالكفاءة بين الزوجين، وجعلت المال من مقوماتها؛ لأن أمر الزواج لا ينتظم في غالب الأحوال إلا أن يكون الرجل محترمًا في عين المرأة، وشأن المرأة أن لا تحترم من يكون أقل منها مالاً أو حسبًا، فلا يجد منها المعاشرة التي يودّ دوامها، ولا يطمع أن تطيعه بالمعروف، فيكون مرتاح القلب للاقتران بمثلها.

وقد يكون سبب الإعراض عن الزواج: اتساع رغبات النساء في صنوف الملابس والمآكل والفرش، ونحوها من أمتعة البيوت ووسائل الرفاهية، حتى صارت كل طبقة تنظر إلى ما فوقها من الطبقات ثروة، وتجتهد أن تحاكيها في الترف ومظاهر الأبهة. فإن صمّمت الفتاة على محاكاة الأسر التي هي أوسع غنى، وأنمى ثراء من أسرة زوجها، فإما أن تجد من الزوج غفلة، أو ضعف إرادة، فترهقه بما تقترحه من النفقات إرهاقًا، ومصير من ينفق من غير سعة الفاقةُ والإفلاس، وإما أن يقابل مقترحاتها الخارجة عن مستطاعه بشيء الحزم والنظر في العواقب، فينفق بمقدار ما يسعه كسبه، وهي بعد هذا إما أن تجنح إلى الفراق، وإما أن تبقى مع زوجها الحازم في حالة من ترى أنها مبتلاة بهذا الزوج الذي لا يفي بجميع رغائبها. وماذا ترى في عيشة صاحبين يعتقد أحدهما


(١) "صحيح الإمام مسلم".
(٢) رواه الإمامان: البخاري، ومسلم.