الأقطار العربية، ورأى الأستاذ الخضر أن في هذا المقال من الآراء ما هو خطأ محض، ولا يصح السكوت عليه. أفتدري ماذا فعل؟ لم يثر، ولم يغضب، ولم يرد على مقالة الأستاذ شلتوت بمقال مثله في عجلة وتسرع؛ بل أقبل على موضوع المقال، فدرسه دراسة العالم الخبير، وجمعَ الدلائل والشواهد على ما فيه من أخطاء، ثم جلس إلى مكتبه الهادئ العامر بمكتبته العظيمة في دار جمعيته، وكتب كتابه القيم "نقد مقالة الهجرة وشخصيات الرسول"، وطبعه فيما يزيد على تسعين صفحة، فعلى الذين قرؤوا مقالة الشيخ شلتوت، أو سمعوا بها: أن يحرصوا على قراءة هذا الكتاب الذي يعد مثلاً على الإنصاف في النقد، والعفة في المجادلة، والحكمة في الدعوة، حتى يتبين لهم الحق بعد أن يسمعوا كلام الفريقين.
ونعود بعد هذا الإيضاح إلى "رسائل الإصلاح"، فنقول: إنه مجموعة من المقالات الممتعة التي كان يزين بها الأستاذ الخضر جيد مجلته "الهداية الإسلامية"، والجزء الأول من الكتاب يتحدث عن مسائل الأخلاق والاجتماع، فتقرأ فيه القول الفصل، والكلام الجزل، والحديث المؤيد بكتاب الله وسنّة رسوله، وأقوال السلف الصالح، وتراه يتناول أبحاثًا لها أهميتها، فيجيد في الدراسة والعرض، والاستتتاج والحكم؛ مثل حديثه عن: العلماء والإصلاح، والإنصاف الأدبي، والدهاء والاستقامة، والرفق بالحيوان، والتعاون في الإسلام، والنبوغ في العلوم والفنون، وغير ذلك.
وقد صدر هذا الجزء في (٢٤٠ صفحة) من الحجم الكبير، والجزء الثاني من الكتاب تابع للأول في أبحاثه وموضوعاته، ولكنه لم يظهر (١) لأسباب ليس