إذا وجه بخطابها إلى قوم معينين مرة بعد أخرى حتى عجم عيدانهم، وكان على ثقة مما انطوت عليه نفوسهم من التقليد في الباطل، وإنكار الحقيقة في أي صورة ظهرت.
أما مَن دأبه النصيحة العامة - كخطباء المنابر وأرباب الصحف -, فلا يحق لهم أن يهجروا الإرشاد، وإن شهدوا قلة تأثيره في قوم بأعيانهم، فما يُدريهم أن تصادف نفوسًا مستعدة للخير، فتقودها إلى سواء السبيل. قال تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات: ٥٥]. وما سطع الإيمان في نفس إلا كانت كالبلد الطيب يُخرج نباته بإذن ربه، فابذر فيها من الحكمة والموعظة ما شئتَ أن تبذر، فلا تريك إلا نيات صالحة، وأعمالاً راضية.
وكثيراً ما يستخف الناس بالأمر تلقى له الخطبة، أو تؤلف فيه المقالة، فماذا تتابم الترغيب فيه، أو التحذير منه، ولو من المرشد الواحد، أخذوا يعنون بشأنه، ويتداعون إلى العمل به، أو الإقلاع عنه.