لعلهم يقتبسون منها ما يليق بحياة أمتهم، كما يتعين عليهم أن يعرفوا أسباب ارتقاء الشعوب، وعلل سقوطها؛ ليستعينوا بها في ضرب الأمثلة، ويؤيدوا بها صواب ما تهديهم إليه البصيرة الخالصة.
وإذا استبان لنا أن وجوه الإصلاح كثيرة، وأن الدعوة لا تنهض بالأمة إلا أن تاتي على كل علة، فتصف دواءها، أدركنا شدة الحاجة إلى أن يكون المتصدي للدعوة جماعة مؤلفة من رجال رسخوا في علوم الشريعة، وألمّوا بالعلوم العمرانية، والشؤون المدنية، يجتمعون فيبحثون، ويسيرون تحت راية الإخلاص والإنصاف، ولو تقارب ما بين من درسوا علوم الإسلام، ومن درسوا العلوم الأخرى من المؤمنين، وتعاونوا على الدعوة، لأقاموها على وجهها المتين، وشادوا من قوة إيمان الأمة، وشرف أخلاقها، وسعة معارفها، وشدة عزمها حصونا تتساقط دونها مكايد عدوها خاسئة {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}[النور: ٥٥].