والآداب، ولا بد لهذه النظم والآداب من سلطان يشرف عليها، ويرد إليها من يحاول الخروج عنها، وذلك ما يسمونه السلطة القضائية أو التنفيذية، فدعا الدين الحق إلى إقامة هذه السلطة، ورسم لها سيرة حازمة عادلة، ومما أخذه عليها: أن تقيم سياستها على قاعدة الشورى، ومثل قاعدة: التسوية بين أفراد الأمة وجماعاتها، قال تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩]، وقال وأثنى تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى: ٣٨]. قال- عليه الصلاة والسلام -: "وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد يدها". وكما جعل هذه السلطة راعية للأمة، جعل لعلماء الأمة وحكمائها الحق في أن ينصحوا للحائد في قضائه اْو تنفيذه عن طريق الرشاد. قال تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: ١٠٤].
ومن أثر إصلاح الدين للقضاء: ما يحدثنا به التاريخ عن أمثال قاضي قرطبة منذر بن سعيد؛ إذ كانوا يحكمون على الخليفة في قضايا يرفعها عليهم ناظر يتيم، أو تاجر قليل البضاعة خامل الذكر. وقد أتت رعاية العلماء الأمناء للسلطة القضائية أو التنفيذية فيما سلف بخير كثير.
يرعى الدين مصالح الأفراد والجماعات، وينهى عن الأعمال والمعاملات الضارة، وإن رضي بها من يلحقه ضررها، ومن هنا شرع الحجر على السفهاء، وحرم الزنا ونحوه في كل حال.
ويتحدث الناس عن الاشتراكية، وقد حل الدين هذه المشكلة. بأن جعل للفقراء أنصباء في أموال الأغنياء تؤخذ لهم، رضي الأغنياء أم كرهوا، وإذا نظرنا إلى أن الغني الذي يكون في ماله حق للفقراء هو كل من يملك النصاب