أمثال هذه الأقذاء التي نفاها أهل العلم من قبل، ويتخذ منها شبهة على أن في الدين ما لا يقبله العقل، أو لا يرضى عنه العلم.
فإنْ بدا لك أن في قسم العبادات ما لم يصل العقل إلى حكمته الخاصة، وهو ما يقول فيه بعض العلماء: هذا الأمر تعبُّدي، قلنا: معنى هذا: أن في الشريعة أحكاماً قد تخفى على العقل حكمتها المعينة، كما أنه لا يستطيع إنكارها إنكاراً يستند إلى وجه معقول، وهذا النوع - على قلّته في شريعة الإسلام- ليس بموضع خلاف بين الدين والعلم أو العقل، وإنما يرينا أن من أحكام الدين ما لا يدخل العقل في تفصيل حكمته، ولا في نفي حكمته، ولكن الآيات القائمات على أن الدين حق، هي الآيات البينات على أن هذه الأحكام مطوية على حكمة بالغة، وإن لم ندركها بوجه خاص، فإن الدين الحق لا يدعو إلا لما فيه خير {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}[الأحزاب: ٤].