للعظائم قد تتحقق في الشباب، فولى أسامة بن زيد جيشاً تخفق رايته على أمثال أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، ولم يتجاوز أسامة يومئذ الثامنة عشرة من عمره.
ففي الشباب نفوس قريبة من الخير، وهمم لا ترضى من المجد إلا باللباب، فإذا توجه الشباب إلى غايات خطيرة، وساروا في طرق قويمة، فما للأمة إلا أن ترفع رأسها عزّة، وما لخصومها إلا أن يتقوا بأسها، ويجنحوا لسلمها.
ومن أين لنا أن يتوجه شبابنا إلى السيادة لا يبغي بها بدلا؟ وإذا توجهوا إليها، فمن أين لنا أن يسيروا إليها في أقوم الطرق وآمنها؟
ذلك ما يجب علينا أن نفكر فيه بجد، ونبذل في سبيله كل جهد. نعم!
ذهبنا بالفكر في كل مذهب، ورجعنا إلى التاريخ والتجارب، فلم ندع بعيداً إلا دنونا منه، ولا شافياً إلا كشفنا غطاءه، فلم نر لشبابنا سيرة تجعلهم خير شباب أخرج للناس، إلا أن نراهم يستنيرون بهدى الله، ويتنافسون في التجمل بآداب شريعته الغرّاء:
أدب الفتى في أن يُرى متمسكاً ... بأوامرٍ من ربّه ونواهي
إن الدين ليهدي للتي هي أقوم!
يطبع النفوس على الأخلاق السمحة الكريمة؛ ويضع أمامها موازين تستبين به الرشد من الغي، ويريها كيف تحيا الحياة الزاهرة المطمئنة.
فإذا تلقن شبابنا حقائق الدين نقية من كل بدعة، وابتهجت نفوسهم بحكمته ابتهاج البلد الطيب بالغيث النافع، فقد أعددنا للخوض في غمار