الحياة رجالاً لا يكتفون بالخُطب تلقى على المنابر، ولا بالمقالات تحرر على المكاتب، بل يعلمون فيقولون، ويقولون فيفعلون.
وأراكَ تفعلُ ما تقولُ، وبعضُهم ... مذقُ اللسان يقولُ ما لايفعلُ
إن الإيمان ليملأ القلوب إجلالاً للواحد الخلّاق، ومَنْ أجلَّ مقامَ خالقه، صغر في عينه كل جبار مخلوق، ومن الأمراض التي تأكل من كرامة الأمم أكلاً ذريعا، وترمي بالمهانة في أوطانها: أن ترهب سطوة المخلوق رهبة تمنعها من أن تقول في صدق، أو تعمل في حكمة.
فحقيق بشبابنا أن يكون الإيمان الصادق رائدهم، فإنا لا نرى من ضعيف الإيمان عملاً إلا أن يكون مخلوطا برياءة ولا نرى له من سيرة إلا أن تنحرف إلى الشمال مرة، وتتأخر إلى الخلف مرة أخرى.
وإذا كان في الأنابيبِ حيفٌ ... وقعَ الطيشُ في صدورِ الصِّعادِ
وإذا قيل: إن الذمم تباع وتشترى، فإن ذمم المؤمنين الصادقين، لا يملك ثمنها إلا رب العالمين.
كنا رأينا من بعض شبابنا انحرافاً عن الرشد، فخشينا أن تسري عدوى هذا الانحراف إلى سائر الشباب، فتصبح مصر - وهي زعيمة الأقطار الشرقية - مبعث الجحود والإباحية، ولكنا لم نلبث أن رأينا شباباً في المدارس العالية يحرصون على تلقي دروس علوم الدين، ويتبينون أحكامه وآدابه، ويتصلون بالجمعيات الإسلامية، بل أقول: إن للشباب الفضل في إنشاء هذه الجمعيات، أو المؤازرة على نهوضها.
والواقع أن ما قام به بعض العاملين من دعوة الشباب إلى الدين، قد أتى بثمر على قدر الجهاد الذي بذل في هذا السبيل.