أخلاقه بحكمة الدين، لكان أسعد منها حالاً، وأرسخ في السيادة قدماً، وأعلى يوم ينادي المنادي علماً.
وليس في إعطاء علوم الدين بمدارس الحكومة حقها ما يجحف بحق دراسة العلوم الأخرى؛ لأنا لا نرجو من وزارة المعارف أن تغذي التلاميذ من علوم الدين بمقدار ما يتغذى به طلاب العلم بالمعاهد الدينية، وإنما نرجو منها أن تقرر من هذه العلوم ما يستنير به التلميذ في كل سنة من سني الدراسة، وتجعله مادة أساسية في امتحاني النقل والشهادة، وأن تسن لهذه العلوم مناهج حكيمة، ولا تغمض عن كفاية من تعهد إليهم بتدريسها.
وقد دلنا التاريخ والمشاهدات على أن وزارات المعارف في بعض الشعوب الإسلامية، قد تستخف بالتعليم الديني متى ألقي أمرها إلى من نشأ في غفلة عن آداب الدين، وقصر في السياسة شأوه، فليس له بصيرة يحس بها فضل الدين ومحاسنه، ولا بعدُ نظر في السياسة يفقه به أن خير ما تتألف به الأمم الإسلامية رعاية دينها، وجعله روحاً في تربية أبنائها، ومن أشد ما تبلى به المصالح العامة أن يصرفها من لا يدري كنهها، ولا يتدبر العواقب في تصريفها، وإذا انتهز أولئك الخاطئون غفلة الأمة فرصة لاهتضام حق التعليم والتربية، فإنها اليوم في يقظة تميز بها المهوشين من المصلحين، فتقابل المهوش بامتعاض وتنديد، وتلاقي المصلح بإقبال وتأييد، ورجاؤنا في حضرة صاحب المعالي وزير المعارف أن يكون الرجل الذي يؤثر إقبال الأمة على امتعاضها، وتأييدها على تنديدها، بل صلاحها على فسادها، وسعادتها على شقوتها؛ فيوفي للتعليم الديني حقه، حتى تصبح مدارسنا منبع العلم، ومطلع الهداية.
ومن فائدة الشرق: أن تكون له عاصمة تلتقي فيها آراء المصلحين،