للماء القراح. وبمثل هؤلاء العلماء والأمراء تسعد الأمة، ويعظم شأن الدولة.
والتاريخ الصادق قد حدثنا أيضاً: أن في أهل العلم مَنْ فتنته الدنيا بزخرفها، فانطلق يجري وراءها، لا يرعى للحق عهداً، ولا لجانب الله حرمة. وحدثنا: أن في الرؤساء من يكون نصيب اللهو والانهماك في الشهوات منه أكثرَ من نصيب الجد والرشد.
وإذا حدثنا التاريخ عن أمة ذلّت بعد عزة، أو دولة سقطت بعد قوة، فتبعة ذلك الذل أو السقوط ملقاة على رقاب أولئك العلماء الذين لا ينصحون، أو الرؤساء الذين لا يحبون الناصحين.
نلقي نظرة على تراجم العلماء، فنجد حالهم مع الأمراء يجعلهم على ثلاثة أصناف:
أولهم: عالم يضع نصب عينه رضا الله، ويهمه أن يسير أولو الأمر في الناس على استقامة، فيأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بمرأى ومسمع منهم، غير مبال بأن يقع أمره أو نهيه لديهم موقع الرضا والقبول، أو موقع الكراهية والإِعراض عنه.
قيل لمالك: إنك تدخل على السلطان وهو يظلم أو يجور؟ فقال: يرحمك الله، فأين يكون الكلام في الحق؟!.
والعلماء الذين يقومون بواجب النصيحة للأمراء يختلفون في أساليب وعظهم، فمنهم من يسلك طريق الصراحة، ويشافه الأمير بإنكار ما يريد إنكاره على وجه التعيين؛ حيث يرى أن طريق التصريح والتعيين أبلغ وأقرب إلى نجاح الدعوة.
كان السلطان سليم أمر بقتل مئة وخمسين رجلاً من حفّاظ الخزائن،