للخلافة، فامتنع، فحبسه، وما زال يكرر عليه القول، وهو لا يجيبه إلى ذلك، حتى مرض ابن طولون، وأمر بنقل بكار من السجن إلى دار اكتريت له.
ثانيهم: أمير يجد في صدره الحرج من إسماعه الموعظة تأتي على غير ما يهوى، ولكنه يهاب مكان العالم، فلا يقابله بأذى.
استدعى أبو جعفر المنصور عبدالله بن طاوس بن كيسان، ومالك بن أنس، فلما دخلا عليه، أطرق ساعة، ثم التفت إلى ابن طاوس، وقال له: حدثني عن أبيك، فقال: حدثني أبي: أن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أشركه الله تعالى في سلطانه، فأدخل عليه الجور في حكمه. فأمسك أبو جعفر ساعة. قال مالك: فضممت ثيابي خوفاً أن يصيبني دمه. ثم قال له المنصور: ناولني تلك الدواة، قال ذلك ثلاث مرات، فلم يفعل، فقال له: لم لا تناولني؟ فقال: أخاف أن تكتب بها معصية، فاكون قد شاركتك فيها! فلما سمع ذلك، قال: قوما عني! قال: ذلك ما كنا نبغي! قال مالك: فما زلت أعرف لابن طاوس فضله من ذلك اليوم.
ثالثهم: أمير تأخذه اليقظة وصفاء الفطرة إلى طاعة الحق، وشكر الدعاة إليه.
دخل عز الدين بن عبد السلام إلى السلطان أيوب نجم الدين، وقال له: ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أُبَوِّئ لك ملك مصر، ثم تبيح الخمور؟! فقال: هل جرى هذا؟ قال: نعم، الحانة الفلانية تباح فيها الخمور وغيرها من المنكرات، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة! فقال: أنا ما علمته، ثم أمر السلطان بإبطال تلك الحانة.
ودخل ابن شهاب على الوليد بن عبد الملك، فسأله الوليد عن حديث: