يكون جسراً يعبرون به إلى قضاء مآربهم التي يكيدون بها الإسلام والمسلمين.
وقد يسمّي هذا العالم تملقه للمخالفين الغاصبين: مداراة؛ ليقضي بعض حاجات شخصية، وربما زعم أنه يقضي بهذا التملق مصالح وطنية. والواقع: أن اتصال العالم بالمخالفين الظالمين، وهو يستطيع أن لا يتصل بهم، وصمةٌ في عرضه لا يغسلها ماء، وجناية على الدين خاصة، وعلى الأمة عامة.
أما أنه وصمة في عرض ذلك العالم، فلما عرف من أن المخالف الغاصب لا يُقبل بوجهه، ولا يضع يد الصداقة إلا في يد من اختبر سرائرهم، ووثق من إخلاصهم له.
وأما أنه جناية على الدين فلأن ذلك الاتصال الآخذ اسم الصداقة خروج عن الدين الذي ينهى عن موادة أعدائه.
وأما أنه جناية على الأمة عامة، فلأن هذا العالم لا يتحامى أن يرضي أولئك المتغلبين المخالفين بالمساعدة على أعمال يفسدون بها على الأمة أمر دينهم أو دنياهم.
ونلقي بعد هذا نظرة في حال الأمراء مع العلماء الذين يجاهرونهم بالنصيحة، أو يؤثرون الحق على أهواء الأمراء، فنجدهم ثلاثة أصناف:
أولهم: أمير تلقى إليه النصيحة، فيأخذه التعاظم بالإثم، ويقابل الناصحين بوعيد، أو بعقوبة المجرمين.
وقد يدعو بعض الأمراء بعض العلماء إلى حرام، فلا يجيبه إلى ذلك، فيناله بالعقوبة، ويتلقاها العالم بصبر جميل.
دعا أحمد بن طولون القاضي بكّار بن قتيبة لخلع الموفق من ولاية العهد