ويدخل في الاعتداء على الأعراض: الطعن فيها بنحو الكنايات الجلية، وقد ذهب بعض أهل العلم؛ كمالك بن أنس إلى أن القاذف بالكناية المفهومة مستحق للعقوبة.
ويدخل في الاعتداء على الأموال: الرشوة؛ فإن لها شبهاً بالغصب؛ حيث تؤخذ من صاحبها وهو يبصر، وشبهاً بالسرقة؛ حيث تؤخذ على استخفاء من الناس، وإن شئت فقل: تزوج الغصب السرقة، فولدا الرشوة.
وللأمن الشامل وسائل يقوم عليها، وآثار يحمد من أجلها. والقصد من هذا الحديث: إلقاء نظرة على وسائل الأمن، وإتباع هذه النظرة بنظرة أخرى فيما يأتي به الأمن من خير وسعادة.
أعظم وسيلة لبسط ظلال الأمن في البلاد: التعليم المثمر، والتربية الصحيحة. فمتى انتشر التعليم بين الأمة، وأصبح كل فرد يدرك ما له من حقوق، وما عليه من واجبات، رأيت الرجل يبادر إلى أداء ما عليه من واجب، ولا يطالب غيره إلا بما هو حق له.
والتعليم الصحيح يرفع همّة الرجل من أن يتعرض لنقيصة، وإن من أنقص النقائص امتناعَ الإنسان من أن يقضي حقا حضر وقت قضائه، أو إطلاق يده إلى حق فرد أو جماعة، وانتزاعه بخدل أو بقوة، قال بشير بن عبيد الله: إياك والخصومات، فإنها تذهب بالمروءة.
والتعليم الصحيح يسمو بالرجل إلى منزلة من الشرف متى قدرها حقَّ قدرها، يأبى كل الإِباء أن يدنسها بعمل قد يساق من أجله إلى القضاء، أو إلى دار لا يساق إليها إلا المجرمون، ومن هنا نرى الجنايات تقل من طبقات