والشاب المسلم: لا يسعى لمجالسة الجاحدين، إلا أن تدعوه إلى ذلك ضرورة؛ فإن علامة حياة القلب بالإيمان تألمه من سماع كلمة تهكم أو طعن في الدين، وقد دل التاريخ والمشاهدة: أن الزنا دقة إن لم يطعنوا في الدين، أو يتهكموا بالمؤمنين صراحة، لم يلبثوا أن يطعنوا فيه، أو يتهكموا به رمزاً وكناية، ثم إن الملحد - أيها الشاب المسلم- لا تجد في خلقه وفاء، ولا في مودته صفاء، إلا أن تسير سيرته، وتحمل بين جنبيك سريرته.
والشاب المسلم: يمثل سماحة الإسلام، وفضلَه في تهذيب النفوس، وأخذها بأرقى الآداب، فإذا جمع بينه ويين المخالفين المسالمين عملٌ لمصلحة وطنية، عاشرهم برفق وإنصاف، وإذا دارت بينه وبينهم محاورة في علم أو دين، اكتفى بتقرير الحقائق، وإقامة الحجة، وطفر لسانه أو قلمه من الكلمات الجافية، وأخفى ما قد يقع في نفسه من غيظ، والتجملُ بالأناة وحسن السمت، ولين القول قد يجاذب النفوس الجامحة عن الحق، ويخطو بها الخطوة الأولى إلى التدبر في الحجة.
والشاب المسلم: يعمل ليرضي ربه، ولا يحفل بأن تكون له وجاهة عند رجال الدولة، فإذا وجد أمامه أمرين، أحدهما يرضي الخالق، وثانيهما يقربه من ذوي السلطان درجة، اختار أولهما؛ فإن آثر رضا السلطان على رضا الله، فليتفقد مقر إيمانه، فعساه أن يهتدي إلى المرض الذي طرأ على قلبه، فليلتمس له دواء ناجعاً، وإنما دواؤه الناجع: أن يعلم أن الله يمنعه من ذوي السلطان، وأن ذوي السلطان لا يمنعونه من الله.
والشاب المسلم: قد تقضي عليه ظروف خاصة بأن يسكت عن بعض ما هو حق، ولكنه إذا تكلم، لا يقول إلا الحق.