خان انسياب الثلوج من قنن الجبال، واكتسحت في طريقها العواصم الإسلامية، وأتت على ما كان لها من مدنية وثقافة، على أن الإسلام لم يلبث أن نهض من تحت أنقاض عظمته الأولى، وأطلال مجده التالد، واستطاع بواسطة دعاته أن يجذب أولئك الفاتحين المتبربرين، ويحملهم على اعتناقه، ويرجع الفضل في ذلك إلى حماسة الدعاة من المسلمين الذين كانوا يلاقون من الصعوبات أشدها، لمناهضة منافسينِ عظيمين هما: المسيحية، والبوذية" (١).
وقال في كتابه "تاريخ انتشار الأديان": "إن اقتناع المسلمين بأن دينهم دين الحق قد غرس في نفوسهم المران والاندفاع في الدعاية إليه حيثما وجدوا، وآية هذه الدعاية في ثلاثة عشر قرناً مضت: ما نراه اليوم من استقرار الإسلام في نفوس بضع مئات من ملايين البشر منتشرين في كل بقعة من بقاع الأرض".
وقال: "بينما كان المغول يغيرون على بغداد، وينهبونها عام (٦٥٦ هـ)، ويحتلون بيت الخلافة من بني العباس، ويغرقونه بالدماء، وبينما كان (فرديناند) يكتسح بقايا المسلمين في قرطبة عام (٦٣٤ هـ)، ويرغم غرناطة - وهي المعقل الأخير للمسلمين في الأندلس- على أداء الخراج، كان الإسلام يظفر في خلال ذلك بالتقدم والانتشار في جزائر سومطرة".
وقال سليمان نظيف بك التركي في التعليق على هذا الذي كتبه (السير أرنولد) في صحيفة "صوت تلغراف": "فالترك السلجوقيون في القرن الخامس الهجري، والمغول من بعدهم بقرنين، إنما جاؤوا إلى بلاد الإسلام أعداء