للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمزة بن بيض الحنفي:

بلغت لعشر مضت من سنيـ ... ـك ما يبلغ السيد الأشيب

فهمّك فيها جسام الأمور ... وهمُّ لداتك أن يلعبوا

وكان مخلد هذا والياً على جرجان، وتوفي في عهد عمر بن عبد العزيز، وهو ابن سبع وعشرين سنة، وقال عمر بن العزيز: اليوم مات فتى العرب، وأنشد متمثلاً:

على مثل عمرٍ تذهب النفس حسرةً ... وتضحي وجوه القوم مغبّرةً سودا

وولى المأمون يحيى بن الأكثم قضاء بغداد وهو في سن الحادية والعشرين، وتولى أبو شجاع بن نظام الدين الوزارة للمسترشد، وسنه دون العشرين، ولم يل الوزارة أصغر منه.

وإذا انتقلنا إلى النظر في شباب الملوك، وجدنا رجالاً تقلدوا الملك في سن العشرين، أو فيما دونه، أو فيما يزيد عليه بقليل، وأخص حديثي وما أسوقه من الأمثال بمن تولوا الملك في عهد الشباب، وظهرت لهم آثار تدل على كفايتهم للقيام بأعباء الملك.

وأضع في أول سلسلة هؤلاء الشباب من الملوك: الخليفة هارون الرشيد, فإنه تولى الخلافة وهو في سن الحادية أو الثانية والعشرين، وماذا أقول في هارون الرشيد، وصحف التاريخ مملوءة بمآثره الحميدة، وبما بلغه الإِسلام في عهده من العزة والعظمة؟!. وإذا لم يكن بدّ من ذكر خصلة من خصاله الزاهرة، فإنه كان يدع القضاء يتمتع بحريته الكاملة، ومما حدثنا به التاريخ: أن يهودياً كان قد رفع عليه قضية لدى القاضي أبي يوسف، وحكم القاضي لليهودي، وكان هارون في المجلس، فبادر إلى تنفيذ ما حكم به القاضي.